| ]


مادة 6

في غير دعوي الأحوال الشخصية التي لا يجوز فيها الصلح ، والدعاوى المستعجلة ، ومنازعات التنفيذ ، والأوامر الوقتية ، يجب علي من يرغب في إقامة دعوي بشأن إحدى مسائل الأحوال الشخصية التي تختص بها محاكم الأسرة ، أن يقدم طلباً لتسوية النزاع إلى مكتب تسوية المنازعات الأسرية المختص .

وتتولي هيئة المكتب الاجتماع بأطراف النزاع ، وبعد سماع أقوالهم ، تقوم بتبصيرهم بجوانبه المختلفة ، وأثاره ، وعواقب التمادي فيه ، وتبدي لهم النصح والإرشاد في محاولة لتسويته ودياً حفاظاً علي كيان الأسرة .

 
) الشرح والتعليق (
Text Box: اضغط للرجوع للفهرسوفقاً لصريح نص المادة 6 من القانون رقم 10 لسنة 2004م يجب علي من يرغب في إقامة دعوي بشأن إحدى مسائل الأحوال الشخصية التي تختص بها محاكم الأسرة ويجوز فيها الصلح بين أطرافها ، أن يقدم طلباً لتسوية النزاع إلى مكتب تسوية المنازعات الأسرية المختص ، ويعد هذا الطلب وكما سيلي شرطاً لقبول الدعوى.

وقد أستثني المشرع من هذا الشرط " شرط تقديم طلب إلى مكتب فض المنازعات الأسرية "

أولا : دعاوي الأحوال الشخصية التي لا يجوز فيها الصلح بين أطرافها .
ثانياً : الدعاوى المستعجلة .
ثالثا : منازعات التنفيذ .
رابعاً : الأوامر علي العرائض.
ولا جدال أن الحكمة واضحة من إيراد هذه الاستثناءات فهذه  الحالات لا يجدي معها طلب فض المنازعة ودياً .

التساؤل الأول : ما هي دعاوى الأحوال الشخصية التي لا يجوز الصلح فيها ، ولماذا قرر المشرع إعفاء رافعها من تقديم طلب بفض المنازعة إلى مكتب فض المنازعات ؟

الأصل في الصلح انه جائز شرعاً وقانوناً ، لكنه يحاط بثلاثة مبادئ أو قيود أساسية تحكم موضوع الصلح في دعاوي الأحوال الشخصية فتبين متي يجوز الصلح ومتي لا يجوز ، ونورد من ثم هذه المبادئ :
المبدأ الأول : لا يجوز الصلح فيما يحرم حلالاً أو يحلل حراماً أساس هذا المبدأ قولة الرسول صلي الله عليه وسلم " إن الصلح بين المسلمين جائز ، إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراماً .
المبدأ الثاني : لا يجوز الصلح فيما يمنع القانون الصلح فيه كما لو كان الصلح علي حق للغير وبالأدنى يضر بصالح الغير.
المبدأ الثالث : لا يجوز الصلح في الحقوق المتعلقة بالنظام العام ، ويأخذ اصطلاح النظام العام بمفهومة الواسع من حيث كونه مجموعة الأسس الدينية والدستورية والاجتماعية والاقتصادية التي تراضي عليها المجتمع .

وبعد أن أوردنا المبادئ التي تحكم موضوع الصلح في دعاوى الأحوال الشخصية نورد التطبيقات المتعددة التي يعد معها الصلح غير جائز لمخالفته أحد المبادئ التي أشرنا إليها.
التطبيقات الخاصة بعدم جواز الصلح لمخالفة قواعد شرعية
* لا يجوز الصلح في مسائل الزواج بإحدى المحرمات سواء كان التحريم بسبب النسب أو الرضاعة أو المصاهرة .
* لا يجوز الصلح علي الزواج بالمطلقة ثلاثا حتى تنكح زوج غير مطلقها ويدخل بها ثم يطلقها أو يموت عنها وتنقضي شرعاً عدتها منه ، كما لا يجوز الصلح علي زواج المسلم بمن لا تدين بدين سماوي ، ولا صلح علي الزواج المؤقت ، كما لا يجوز التصالح علي التوارث بين مسلم وغير مسلم لأنه لا توارث بين المسلم وغير المسلم .

التطبيقات الخاصة بعدم جواز الصلح لمخالفة النظام العام



* لا يجوز التصالح في دعاوى الأحوال الشخصية التي تخالف قواعد الميراث الشرعي .
* لا يجوز التصالح في دعاوى الأحوال الشخصية التي يترتب علي عليها التصالح  علي حق الغير.
* لا يجوز التصالح في دعاوي حضانة الصغير وضمة .
* لا يجوز التصالح في دعاوى مسكن الحاضنة.
* لا يجوز التصالح في دعوى الزواج بين الرجل والمرأة اللذين ينتميان الي شريعة الأقباط الكاثوليك إذا كان الرجل قد اختطف المرأة بقصد الزواج منها ما دامت في حوزة الخاطف .
* لا يجوز التصالح في دعاوي الأحوال الشخصية التي يكون موضوعها عقد زواج بين زوجين ينتميان إلى شرائع الأقباط إذا لم يكن عقد الزواج لم يراعي فيه الشكل الذي تتطلبه هذه الشرائع .

التطبيقات الخاصة بعدم جواز الصلح لمخالفة نص قانوني

* لا يجوز الصلح في دعاوي الأحوال الشخصية للولاية علي المال كدعاوى توقيع الحجر للجنون أو العته أو السفه أو الغفلة أو رفع الحجر أو سلب الولاية أو تعيين الوصي أو القيم ،  مرجعية ذلك أنه لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو بالنظام العام ، ومرجعية ذلك أيضاً انه ليس لأحد النزول عن أهليته ولا التعديل في أحكامها.
التساؤل الثاني: لماذا أعفي المشرع  الدعاوى المستعجلة من  تقديم طلب بفض المنازعة إلى مكتب فض المنازعات الأسرية ؟

تنص المادة 45 من قانون المرافعات " يندب في مقر المحكمة الابتدائية قاضي من قضاتها ليحكم بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بالحق في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت.      
أما في خارج دائرة المدينة التي بها مقر المحكمة الابتدائية فيكون هذا الاختصاص لمحكمة المواد الجزئية.
على أن هذا لا يمنع من اختصاص محكمة الموضوع أيضا بهذه المسائل إذا رفعت لها بطريق التبعية ".

صريح نص المادة 45 يوضح السبب الذي من أجله أعفي المشرع رافع الدعوى المستعجلة[1] من تقديم طلب فض منازعة إلى مكتب تسوية المنازعات الأسرية ، فطبيعة هذه الدعاوى بما تحتاج إليه من سرعة الفصل تتعارض مع اللجوء الي مكتب فض المنازعات بتقديم طلب وما يلي ذلك من إجراءات.

أما عن شروط اختصاص القاضي المستعجل فهما شرطين :

الشرط الأول : أن يكون الإجراء المطلوب إجراء وقتي وليس فصلاً في أصل الحق وموضوعة .
الشرط الثاني : أن يتوافر الاستعجال في الطلب أو الدعوى ، ولا يتوافر الاستعجال إلا إذا كان ثمة خطر يحدق بالحق ويعرضه للضياع ، ونهاية الأمر أن تقدير توافر هذه الشروط هي محض سلطة تقديرية للقاضي .
التساؤل الثالث: لماذا أعفي المشرع  منازعات التنفيذ من  تقديم طلب بفض المنازعة إلى مكتب فض المنازعات الأسرية ؟

قيل في تعريف منازعات التنفيذ أنها المنازعات التي تنشأ بسبب تنفيذ الأحكام والقرارات ، وهي نوعين " منازعات تنفيذ موضوعية – منازعات تنفيذ وقتية "

والمنازعات الوقتية هي التي يطلب فيها من القضاء إجراء وقتي كوقف التنفيذ ، أو الاستمرار فيه ، أما المنازعات الموضوعية في التنفيذ فهي التي يطلب فيها الخصم الحكم بما يحسم النزاع في أصل الحق محل التقاضي ، وفي جميع الحالات فإن المشرع قد ناط بقاضي التنفيذ الفصل دون غيرة في منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أيا كانت قيمتها ، وهو يفصل فيها بصفته قاضياً للأمور المستعجلة .

السطور السابقة توضح السبب الذي من أجله أعفي المشرع منازعات التنفيذ بنوعيها " الوقتية والموضوعية " من تقديم طلب فض المنازعات فطبيعة هذه المنازعات من ناحية وكون السرعة أهم الطلبات فيها أوجبت أن تعفي من شـرط تقديم طلب بفض المنازعة .

وقد نصت المادة 15 من القانون 10 لسنة 2004 " تنشأ بكل محكمة أسرة إدارة خاصة لتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها أو من دوائرها الاستئنافية ، تزود بعدد كاف من محضري التنفيذ المؤهلين المدربين الذين يصدر بتحديدهم قرار من رئيس المحكمة .
ويتولي الإشراف علي هذه الإدارة قاض للتنفيذ تختاره الجمعية العمومية للمحكمة الابتدائية من بين قضاة محكمة الأسرة في دائرة تلك المحكمة .
ورغم إنشاء إدارة تنفيذ الأحكام المشار إليها فإن الاختصاص بنظر منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية لا ينعقد لقاضي تنفيذ محكمة الأسرة ، بل يظل منعقداً لقاضي التنفيذ المنصوص عليه بالمادة 275 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - كقاضي للأمور المستعجلة[2] - والتي يجري نصها " يختص قاضى التنفيذ دون غيره بالفصل فى جميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أياً كانت قيمتها ، كما يختص بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ.
ويفصل قاضى التنفيذ فى منازعات التنفيذ الوقتية بوصفة قاضياً للأمور المستعجلة ".

التساؤل الرابع: لماذا أعفي المشرع  الأوامر الوقتية من  تقديم طلب بفض المنازعة إلى مكتب فض المنازعات الأسرية ؟

للأوامر الوقتية طبيعة خاصة من حيث كونها تتطلب سرعة في إصدارها وفي غالب الأحيان في غفلة من المقدم ضده ، لذا قرر المشرع إعفاء مقدمها من تقديم طلب فض المنازعة الي مكتب فض المنازعات الأسرية .
أما عن المسائل التي يجوز تقديم طلب وقتي بشأنها فهي وكما حددتها المادة الأولي من القانون 1 لسنة 2000 :
* التظلم من امتناع الموثق عن توثيق عقد الزواج او عدم إعطاء شهادة مثبتة للامتناع سواء للمصريين او الأجانب .
* مد ميعاد جرد التركة بقدر ما يلزم لإتمام الجرد إذا كان القانون الواجب التطبيق حدد ميعادا له.
* اتخاذ ما يراه لازما من الإجراءات التحفظية أو الوقتية على التركات التي لا يوجد فيها عديم أهلية أو ناقصها أو غائب.

* الإذن للنيابة العامة في نقل النقود والأوراق المالية والمستندات والمصوغات وغيرها مما يخشى عليه من أموال عديمي الأهلية أو ناقصيها أو الغائبين إلي خزانة أحد المصارف أو الى مكان أمين.
* المنازعات حول السفر إلي الخارج بعد سماع أقوال ذوى الشأن.

الإجراءات اللاحقة علي تقديم طلب التسوية إلى مكتب فض المنازعات الأسرية .


حددت الفقرة الثانية من المادة 6 من القانون 10 لسنة 2004 مجموعة الإجراءات التي تتم حال تقديم طلب الي مكتب فض المنازعات الأسرية " … وتتولي هيئة المكتب الاجتماع بأطراف النزاع ، وبعد سماع أقوالهم ، تقوم بتبصيرهم بجوانبه المختلفة ، وأثاره ، وعواقب التمادي فيه ، وتبدي لهم النصح والإرشاد في محاولة لتسويته ودياً حفاظاً علي كيان الأسرة .

ووفقاً للسابق تقوم هيئة المكتب بعدد من الإجراءات وصولا إلى محاولة إنهاء النزاع صلحاً

1-             الاجتماع بأطراف النزاع " مقدم الطلب والمقدم ضده " وسماع أقوالهم في موضوع النزاع .
2-             تبصير مقدم الطلب والمقدم ضده وإبداء النصح والإرشاد.
3-             إبداء جميع المحاولات لتسوية النزاع


[1] من أمثلة تلك الدعاوى المستعجلة في مجال دعاوي الأحوال الشخصية طلب فرض نفقة وقتية للوارث الذي كان يعوله المورث حتى تصفي ديون التركة ، تقدير نفقة وقتية للقاصر في ماله ، طلب تعيين خبير لإثبات أموال التركة المتنازع عليها ، طلب تعيين حارس علي التركة لتسلمها وإدارتها .
[2] لم يخول قانون إنشاء محاكم الأسرة 10 لسنة 2004 قاضي التنفيذ المشرف علي تنفيذ أحكام محكمة الأسرة اختصاصا بالفصل في منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية .